فصل: بَاب النَّهْي عَن نقل الْمَيِّت من مَوضِع مَوته إِلَّا لضَرُورَة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام



.بَاب من يَمُوت فِي الْبَحْر، والكافرة تَمُوت حَامِلا بِمُسلم:

3683- عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن أَبَا طَلْحَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ركب الْبَحْر فَمَاتَ، فَلم يَجدوا لَهُ جَزِيرَة إِلَّا بعد سَبْعَة أَيَّام، فدفنوه فِيهَا، وَلم يتَغَيَّر. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح.
3684- وَعَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَنه دفن نَصْرَانِيَّة حَامِلا بِمُسلم فِي مَقْبرَة لَيست بمقبرة الْمُسلمين وَلَا النَّصَارَى. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ.

.بَاب النَّهْي عَن نقل الْمَيِّت من مَوضِع مَوته إِلَّا لضَرُورَة:

3685- فِيهِ حَدِيث أنس فِي الْبَاب قبله.
3686- وَعَن جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: كُنَّا حملنَا الْقَتْلَى يَوْم أُحد لندفنهم، فجَاء مُنَادِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ: إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَأْمُركُمْ أَن تدفنوا الْقَتْلَى فِي مضاجعهم، فرددناهم. رَوَاهُ الثَّلَاثَة بأسانيد صَحِيحَة.
3687- قَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح.
3688- وَعنهُ، قَالَ: لما حضر أُحد، دَعَاني أبي من اللَّيْل، فَقَالَ: مَا أَرَانِي إِلَّا مقتولاً فِي أول من يُقتل من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وَإِنِّي لَا أترك بعدِي أعزّ عليّ مِنْك غير نَفْس رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وَإِن عليّ ديْنا فَاقْض، واستوص بأخواتك خيرا. فأصبحنا فَكَانَ أول قَتِيل، ودُفن مَعَه آخر فِي قبر ثمَّ لم تطب نَفسِي أَن أتركه مَعَ آخر فاستخرجته بعد سِتَّة أشهر، فَإِذا هُوَ كَيَوْم وَضعته هُنيّة غير أُذُنه. رَوَاهُ البُخَارِيّ.
3689- وَفِي رِوَايَة لَهُ: فَأَخْرَجته فَجَعَلته عَلَى قبر عَلَى حِدة.
3690- وَعَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: توفّي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، بالحبشي، فَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن، فَلَمَّا قدمت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أَتَت قَبره، تمثلت:
**وَكُنَّا كندْماني جذيمة حقبة من الدَّهْر حَتَّى قيل: لن يتصدّعا

**فَلَمَّا تفرقنا كَأَنِّي ومالكا لطول اجْتِمَاع، لم نبِتْ لَيْلَة مَعًا

ثمَّ قَالَت: وَالله، لَو حضرتك مَا دفنت إِلَّا حَيْثُ مت، وَلَو شهدتك مَا زرتك. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَاد عَلَى شَرط الصَّحِيحَيْنِ.
3691- وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح: أَنه توفّي بالحبشي عَلَى رَأس أَمْيَال من مَكَّة، فنقله ابْن صَفْوَان إِلَى مَكَّة.
3692- وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ وَغَيره، أَن سعد بن أبي وَقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، توفّي بالعقيق عَلَى عشرَة أَمْيَال من الْمَدِينَة، فَحمل عَلَى أَعْنَاق الرِّجَال إِلَى الْمَدِينَة.

.بَاب:

3693- عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، قَالَ: لما سقط عَلَيْهِم الْحَائِط فِي زمن الْوَلِيد بن عبد الْملك أخذُوا فِي بنائِهِ، فبدت لَهُم قدم ففزعوا، فظنوا أَنَّهَا قدم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فَمَا وجدوا أحدا يعلم ذَلِك حَتَّى قَالَ لَهُم عُرْوَة: لَا وَالله، مَا هِيَ قدم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، مَا هِيَ إِلَّا قدم عمر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. رَوَاهُ البُخَارِيّ.

.بَاب كَرَاهَة حفر قبر يُتوهم أَن فِيهِ شَيْئا من الْمَيِّت، أَو يخَاف مِنْهُ كسر عظم:

3694- عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «كسر عظم الْمَيِّت ككسره حَيا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه، وَالْبَيْهَقِيّ بأسانيد صَحِيحَة، وَفِيه سعد بن سعيد، وَهُوَ مُخْتَلف فِي توثيقه، وَقد رَوَى لَهُ مُسلم فِي صَحِيحه.
3695- وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من رِوَايَة أَخِيه يَحْيَى بن سعيد الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح.
3696- قَالَ الشَّافِعِي: «ككسره حَيا» تَعْنِي فِي الْإِثْم.
3697- وَجَاء مُصَرحًا بِهَذَا فِي رِوَايَة لِابْنِ مَاجَه من رِوَايَة أم سَلمَة.

.بَاب اسْتِحْبَاب الدّفن فِي الْمَكَان الْفَاضِل، وَالدُّعَاء بذلك:

3698- عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى مُوسَى، فَقَالَ لَهُ: أجب رَبك» فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ حِين حَضَره الْمَوْت: «رب ادنني من الأَرْض المقدسة رمية بِحجر» مُتَّفق عَلَيْهِ، لَكِن رِوَايَة البُخَارِيّ مَوْقُوفَة.
3699- وَعَن حَفْصَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: قَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: اللَّهُمَّ ارزقني شَهَادَة فِي سَبِيلك، وَاجعَل موتِي فِي بلد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فَقلت: أنّى يكون هَذَا؟ فَقَالَ: يأتيني بِهِ الله إِذا شَاءَ. رَوَاهُ البُخَارِيّ.
3700- وَثَبت فِي البُخَارِيّ أَيْضا، أَن عمر طلب من عَائِشَة أَن تَأذن لَهُ فِي الدّفن فِي الْحُجْرَة عِنْد صَاحِبيهِ.

.بَاب الصَّدَقَة عَن الْمَيِّت، وَمَا يلْحقهُ بعد مَوته:

قَالَ الله تَعَالَى: (وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان).
3701- وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: إِن أُمِّي افتُلتتْ نَفسهَا، وأُراها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت. فَهَل لَهَا أجر إِن تصدقتُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نعم».
3702- وَعَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث: إِلَّا من صَدَقَة جَارِيَة، أَو علم يُنتفع بِهِ، أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ» رَوَاهُ مُسلم. وَسَتَأْتِي الْأَحَادِيث فِي الصَّوْم، وَالْحج عَن الْمَيِّت فِي أَبْوَابهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
3703- وَسبق بَيَان مَا جَاءَ فِي قَضَاء الدَّين عَنهُ.

.بَاب الثَّنَاء عَلَى الْمَيِّت:

3704- عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: مرّوا بِجنَازَة، فأُثنى عَلَيْهَا خيرا. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت» ومروا بِجنَازَة فأُثنى عَلَيْهَا شرا، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «وَجَبت، وَجَبت»، وَجَبت فَقَالَ عمر: فدَاك أبي وَأمي، مُرّ بِجنَازَة فأُثنى عَلَيْهَا خيرا، فَقلت: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت، ومُرّ بِجنَازَة فأُثنى عَلَيْهَا شرا فَقلت: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «من أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة، وَمن أثنيتم عَلَيْهِ شرا وَجَبت لَهُ النَّار، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض» مُتَّفق عَلَيْهِ، هَذَا لفظ مُسلم، وَلَا تكْرَار فِي رِوَايَة البُخَارِيّ.
3705- وَعَن أبي الْأسود قَالَ: قدمت الْمَدِينَة، فَجَلَست إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فمرت بهم جَنَازَة، فأُثنى عَلَى صَاحبهَا خيرا، فَقَالَ عمر: وَجَبت. ثمَّ مُرّ بِأُخْرَى، فأُثنى عَلَى صَاحبهَا خيرا، فَقَالَ عمر: وَجَبت. ثمَّ مُرّ بالثالثة، فأُثنى عَلَى صَاحبهَا شرا، فَقَالَ عمر: وَجَبت. فَقلت: وَمَا وَجَبت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: قلت كَمَا قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أَيّمَا مُسلم شهد لَهُ أَرْبَعَة بِخَير أدخلهُ الله الْجنَّة» فَقُلْنَا: وَثَلَاثَة. قَالَ: «وَثَلَاثَة» فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ. قَالَ: «وَاثْنَانِ» ثمَّ لم نَسْأَلهُ عَن الْوَاحِد. رَوَاهُ البُخَارِيّ.

.بَاب النَّهْي عَن سبّ الْأَمْوَات إِلَّا لحَاجَة شَرْعِيَّة:

قَالَ الله تَعَالَى: {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد}
3706- وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا» رَوَاهُ البُخَارِيّ.
3707- وَعَن الْمُغيرَة رَفعه: «لَا تسبوا الْأَمْوَات فتؤذوا الْأَحْيَاء» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَاد حسن أَو صَحِيح.
3708- وَرَوَى النَّسَائِيّ مثله من رِوَايَة ابْن عَبَّاس.
3709- وَأما السب لحَاجَة شَرْعِيَّة فَفِيهِ الحديثان فِي الْبَاب قبله وَغَيرهمَا.

.بَاب سُؤال الْمَيِّت فِي الْقَبْر، وفتنة عَذَاب الْقَبْر:

3710- سبقت الْأَحَادِيث بالتعوذ من عَذَاب الْقَبْر فِي بَاب صفة الصَّلَاة.
3711- وَفِي صَلَاة الْكُسُوف وَسبق هُنَاكَ حَدِيث أَسمَاء فِي فتْنَة الْقَبْر.
3712- وَعَن الْبَراء رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِذا أقعد الْمُؤمن فِي قَبره أُتى، ثمَّ شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}» مُتَّفق عَلَيْهِ، لَفظه للْبُخَارِيّ.
3713- وَلَفظ مُسلم: قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «{يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} نزلت فِي عَذَاب الْقَبْر، يُقَال لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: رَبِّي الله، ونبيي مُحَمَّد».
3714- وَعَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إِن العَبْد إِذا وُضع فِي قَبره، وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه، إِنَّه ليسمع قرع نعَالهمْ إِذا انصرفوا يَأْتِيهِ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول: أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله. فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَقْعَدك من النَّار، قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة، قَالَ نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا " قَالَ قَتَادَة: إِنَّه يُفسح لَهُ فِي قَبره " وَأما الْمُنَافِق فَيَقُول: لَا أَدْرِي كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فِيهِ. فَيُقَال: لَا دَريت، وَلَا تليت، ثمَّ يُضرب بِمِطْرَقَةٍ من حَدِيد ضَرْبَة بَين أُذُنَيْهِ، فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ، إِلَّا الثقلَيْن» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3715- وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: «بمطارق».
3716- وَفِي رِوَايَة مُسلم: قَالَ قَتَادَة: وَذكر لنا أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا، ويملأ عَلَيْهِ خضرًا إِلَى يَوْم يبعثون.
3717- وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إِذا قبر الْمَيِّت- أَو قَالَ-: أحدكُم- أَتَاهُ ملكان أسودان، أزرقان، يُقَال لأَحَدهمَا الْمُنكر، وَللْآخر النكير، فَيَقُولَانِ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول مَا كَانَ يَقُول: هُوَ عبد الله وَرَسُوله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، فَيَقُولَانِ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا. ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره، سبعين ذِرَاعا فِي سبعين، ثمَّ ينور لَهُ فِيهِ، ثمَّ يُقَال لَهُ: نم. فَيَقُول: أرجع إِلَى أَهلِي فَأخْبرهُم. فَيَقُولَانِ: نم كنومة الْعَرُوس الَّذِي لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك. وَإِن كَانَ منافقا، قَالَ: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ فَقلت مثله، لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول ذَلِك. التئمي عَلَيْهِ، فتلتئم عَلَيْهِ، فتختلف أضلاعه، فَلَا يزَال فِيهَا معذبا حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3718- وَقَالَ: حسن غَرِيب.
3719- وَعَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي، إِن كَانَ من أهل الْجنَّة، فَمن أهل الْجنَّة، وَإِن كَانَ من أهل النَّار، فَمن أهل النَّار، فَيُقَال: هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله يَوْم الْقِيَامَة» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3720- وَعَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «لَوْلَا أَن لَا تدافنوا لَدَعَوْت الله أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر» رَوَاهُ مُسلم.
3721- وَعَن زيد بن ثَابت رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها، فلولا أَن لَا تدافنوا لَدَعَوْت الله أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر الَّذِي أسمع مِنْهُ» ثمَّ أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار» فَقَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار. فَقَالَ: «تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار» قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار، قَالَ: «تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن». قَالُوا: نعوذالله من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن قَالَ: «تعوذوا بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال» قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال. رَوَاهُ مُسلم.
3722- وَعَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «هَذَا الَّذِي تحرّك لَهُ الْعَرْش، وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء، وشهده سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة، لقد ضم ضمة، ثمَّ فرج عَنهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح.

.بَاب النَّهْي عَن اتِّخَاذ الْمَسَاجِد فِي الْقُبُور، وَعَن الصَّلَاة إِلَى الْقَبْر من غير ضَرُورَة:

3723- سبقت أَحَادِيثه فِي بَاب مَوَاضِع الصَّلَاة.
3724- وَعَن أبي صَالح باذام، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «لعن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ زائرات الْقُبُور، والمتخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِد، والسرج» رَوَاهُ الثَّلَاثَة.
3725- قَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن. وَلم يُضعفهُ أَبُو دَاوُد، وَقد اخْتلفُوا فِي باذام،
3726- قَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا يحْتَج بِهِ.
3727- عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَرَرْت عَلَى مُوسَى لَيْلَة أسرِي بِي عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر، وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبره» رَوَاهُ مُسلم.
(أَبْوَاب التَّعْزِيَة، والبكاء عَلَى الْمَيِّت والنياحة وَنَحْوهَا)

.بَاب الْجُلُوس عِنْد الْمُصِيبَة:

3728- عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: لما جَاءَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قتل ابْن حَارِثَة، وجعفر، وَابْن رَوَاحَة، جلس يعرف فِيهِ الْحزن، وَأَنا أنظر من شقّ الْبَاب. فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِن نسَاء جَعْفَر، وَذكر بكاءهن. فَأمره أَن ينهاهن. فَذهب ثمَّ أَتَاهُ، فَذكر أَنَّهُنَّ لم يطعنه، فَأمره الثَّانِيَة ينهاهن، فَذهب ثمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ: وَالله، لقد غلبننا يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «اذْهَبْ، فاحث فِي أفواههن من التُّرَاب» فَقلت: أرْغم الله أَنْفك، وَالله مَا تفعل مَا أَمرك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وَمَا تركت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من العناء. مُتَّفق عَلَيْهِ.
3729- وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة لأبي دَاوُد: وَجلسَ فِي الْمَسْجِد.

.بَاب اسْتِحْبَاب التَّعْزِيَة، وَبَيَان لَفظهَا وَمسح رَأس الْيَتِيم:

3730- عَن أُسَامَة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: أرْسلت إِحْدَى بَنَات النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَيْهِ تَدعُوهُ، وَتُخْبِرهُ إِن ابْنا لَهَا، أَو صَبيا، فِي الْمَوْت. فَقَالَ للرسول يَقُول لَهَا: «إِن لله مَا أَخذ، وَله مَا أعْطى، وكل شَيْء عِنْده بِأَجل مُسَمَّى، فَلتَصْبِر ولتحتسب» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3731- وَعَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة بن إِيَاس، عَن أَبِيه رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد بعض أَصْحَابه، فَسَأَلَ عَنهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، بنية الَّذِي رَأَيْته هلك، فَلَقِيَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلَهُ عَن بنيه فَأخْبرهُ أَنه هلك، فَعَزاهُ عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: «يَا فلَان، أَيّمَا كَانَ أحب إِلَيْك؛ أَن تمتّع بِهِ عمرك، أَو لَا تَأتي غَدا بَابا من أَبْوَاب الْجنَّة إِلَّا وجدته قد سَبَقَك إِلَيْهِ، يَفْتَحهُ لَك؟» قَالَ: يَا نَبِي الله، بل يسبقني إِلَى الْجنَّة فيفتحها لَهو أحب إليّ. قَالَ: «فَذَلِك لَك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد حسن.
3732- وَعَن عَمْرو بن حزم رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «مَا من مُؤمن يعزِّي أَخَاهُ بمصيبة إِلَّا كَسَاه الله عَزَّ وَجَلَّ من حلل الْكَرَامَة يَوْم الْقِيَامَة» رَوَاهُ ابْن مَاجَه، وَالْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن.

.فصل فِي ضعيفه:

3733- مِنْهُ، عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوع: «من عزَّى مصابا فَلهُ مثل أجره» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَغَيره، بِإِسْنَاد ضَعِيف.
3734- قَالَ الْبَيْهَقِيّ: «تفرد بِهِ عَلّي بن عَاصِم وَهُوَ أحد مَا أُنكر عَلَيْهِ».
3735- وَعَن أبي بَرزَة مَرْفُوع: «من عزَّى ثَكْلَى كسى بُردا فِي الْجنَّة» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3736- وَقَالَ: «لَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي».
3737- وَقد سبق ضَعِيف بَاب " اتِّبَاع النِّسَاء الْجَنَائِز " حَدِيث ابْن عَمْرو بن العَاصِي فِي قصَّة فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها.
3738- وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: لما توفّي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَجَاءَت التَّعْزِيَة سمعُوا قَائِلا يَقُول: إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة، وخلفا من كل هَالك، ودركا من كل فَائت، فبالله فثقوا، وإياه فارْجوا، فَإِن الْمُصَاب من حُرم الثَّوَاب. رَوَاهُ الشَّافِعِي، وَالْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف.
3739- قَالَ الْبَيْهَقِيّ: ورُوي مَعْنَاهُ عَن جَعْفَر، عَن أَبِيه، عَن جَابر.
3740- وَرُوِيَ عَن أنس.
3741- قَالَ: وَفِي أسانيده ضعف.
3742- وَعَن رجل، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رجلا شكا إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قسوة قلبه. فَقَالَ: «إِذا أردْت أَن يلين قَلْبك فأطعم الْمَسَاكِين، وامسح رَأس الْيَتِيم» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ، هَكَذَا عَن رجل مَجْهُول. وَالْمُعْتَمد فِي مسح رَأس الْيَتِيم وَسَائِر الْإِحْسَان إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {واعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وبالوالدين إحسانا وبذي الْقُرْبَى واليتامى}

.بَاب يسْتَحبّ لأقارب الْمَيِّت وجيران أَهله أَن يصنعوا لَهُم طَعَاما يشبعهم فِي يومهم وليلتهم:

3743- وَعَن عبد الله بن جَعْفَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: لما جَاءَ نعي جَعْفَر حِين قُتل، قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «اصنعوا لآل جَعْفَر طَعَاما، فقد أَتَاهُم مَا يشغلهم» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ.
3744- وَقَالَ: "حسن".
3745- وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن مَاجَه من رِوَايَة أَسمَاء أَيْضا.
3746- وَعَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أَنَّهَا كَانَت إِذا مَاتَ الْمَيِّت من أَهلهَا، فَاجْتمع لذَلِك النِّسَاء ثمَّ تفرقن إِلَّا أَهلهَا وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينه فطُبخت، ثمَّ صنع ثريد فصُبّت التلبينة، ثمَّ قَالَت: كلن مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول: «التلبينة تجم فؤاد الْمَرِيض، وَتذهب بعض الْحزن» مُتَّفق عَلَيْهِ. التلبينة: حساء من دَقِيق، وَيُقَال لَهُ: التلبين، أَيْضا لِأَنَّهُ يشبه اللَّبن فِي بياضه.

.بَاب جَوَاز نعي الْمَيِّت الَّذِي هُوَ الْإِعْلَام بِمَوْتِهِ للصَّلَاة عَلَيْهِ، وَنَحْوهَا:

3747- فِيهِ الْأَحَادِيث السَّابِقَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَعَى النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَصَلى عَلَيْهِ.
3748- وَالْحَدِيثَانِ السابقان فِي بَاب الصَّلَاة عَلَيْهِ بعد دَفنه.
3749- وَثَبت فِي الصَّحِيح: «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَعَى زيد بن حَارِثَة، وجعفرا، وَابْن رَوَاحَة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم، حِين اسْتشْهدُوا».

.بَاب كَرَاهَة نعي الْجَاهِلِيَّة:

وَهُوَ النداء عَلَيْهِ بِذكر مآثره.
3750- عَن حُذَيْفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: إِذا مت فَلَا تؤذنوا بِي أحدا، إِنِّي أَخَاف أَن يكون نعيا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ينْهَى عَن النعي. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3751- وَقَالَ: حسن.

.فصل فِي ضعيفه:

3752- مِنْهُ، مَرْفُوع من رِوَايَة ابْن مَسْعُود: «إيَّاكُمْ والنعي، فَإِن النعي من عمل الْجَاهِلِيَّة» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَضَعفه.

.بَاب تَحْرِيم النِّيَاحَة، وَضرب الخدود، وشق الْجُيُوب، وَالدُّعَاء بِالْوَيْلِ، وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة:

3753- عَن ابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لَيْسَ منا من ضرب الخدود، وشق الْجُيُوب، ودعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3754- وَفِي رِوَايَة لمُسلم فِي كتاب الْإِيمَان: «أَو شقّ الْجُيُوب، أَو دَعَا بِدَعْوَى أهل الْجَاهِلِيَّة».
3755- وَعَن أبي بردة، قَالَ: وجع أَبَا مُوسَى وجعاً، فَغشيَ عَلَيْهِ، وَرَأسه فِي حجر امْرَأَة من أَهله، فصاحت امْرَأَة من أَهله، فَلم يسْتَطع أَن يرد عَلَيْهَا شَيْئا، فَلَمَّا أَفَاق، قَالَ: أَنا بَرِيء مِمَّن برِئ مِنْهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فَإِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ برِئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة. مُتَّفق عَلَيْهِ.
3756- وَفِي رِوَايَة مُسلم: مِمَّا برِئ مِنْهُ.
3757- وَعَن أم عَطِيَّة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: أَخذ علينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عِنْد الْبيعَة أَن لَا ننوح. مُتَّفق عَلَيْهِ.
3758- وَفِي رِوَايَة مُسلم: مَعَ الْبيعَة.
3759- وَفِي رِوَايَة لَهُ: فِي الْبيعَة.
3760- وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «اثْنَتَانِ بِالنَّاسِ هما بهم كفر: الطعْن فِي النّسَب، والنياحة عَلَى الْمَيِّت» رَوَاهُ مُسلم.
3761- وَعَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة لَا يتركونهن: الْفَخر فِي الأحساب، والطعن فِي الْأَنْسَاب، وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم، والنياحة» وَقَالَ: «النائحة إِذا لم تتب قبل مَوتهَا تُقَام يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال من قطران، وَدرع من جرب» رَوَاهُ مُسلم.
3762- وَعَن أم سَلمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: لما مَاتَ أَبُو سَلمَة، قلت: غَرِيب، وَفِي أَرض غربَة، لأبكينَّه بكاء يُتحدث عَنهُ. فَكنت قد تهيأت للبكاء، إِذْ أَقبلت امْرَأَة من الصَّعِيد تُرِيدُ أَن تسعدني. فَاسْتَقْبلهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَن تدخلي الشَّيْطَان بَيْتا أخرجه الله مِنْهُ؟ مرَّتَيْنِ». فكففت عَن الْبكاء فَلم أبك. رَوَاهُ مُسلم. قَوْله: تهيأت للبكاء، أَي النِّيَاحَة.

.فصل فِي ضعيفه:

3763- مِنْهُ، فِي سنَن أبي دَاوُد بِإِسْنَاد ضَعِيف، عَن أبي سعيد مَرْفُوع: «لعن النائحة، والمستمعة».
3764- وَعَن أسيد بن أبي أسيد، عَن امْرَأَة من المبايعات قَالَت: فِيمَا أَخذ علينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي الْمَعْرُوف الَّذِي أَخذ علينا أَن لَا نعصيه فِيهِ: أَن لَا نخمش وَجها، وَلَا نَدْعُو ويلا، وَلَا نشق جيبا، وَلَا ننشر شعرًا. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلم يُضعفهُ.

.بَاب جَوَاز الْبكاء عَلَى الْمَيِّت بِغَيْر ندب وَلَا نياحة قبل الْمَوْت وَبعده:

سبق فِيهِ أَحَادِيث.
3765- وَعَن أُسَامَة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأرْسلت إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاته تَدعُوهُ، وَتُخْبِرهُ أَن صَبيا لَهَا فِي الْمَوْت. فَقَالَ للرسول: «ارْجع إِلَيْهَا، فَأَخْبرهَا أَن لله مَا أَخذ، وَله مَا أعْطى، وكل شَيْء عِنْده بِأَجل مُسَمَّى، فَمُرْهَا فَلتَصْبِر، ولتحتسب» فَعَاد الرَّسُول فَقَالَ: إِنَّهَا قد أَقْسَمت لَتَأْتِيَنَّهَا. فَقَامَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَامَ مَعَه سعد بن عبَادَة، ومعاذ بن جبل، وَانْطَلَقت مَعَهم، فرُفع إِلَيْهِ الصَّبِي وَنَفسه تقَعْقع كَأَنَّهَا فِي شنّة، فَفَاضَتْ عَيناهُ. فَقَالَ لَهُ سعد: مَا هَذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «هَذِه رَحْمَة جعلهَا الله فِي قُلُوب عباده، وَإِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3766- وَعَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، اشْتَكَى سعد بن عبَادَة فَأَتَاهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعودهُ مَعَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَسعد بن أبي وَقاص، وَعبد الله بن مَسْعُود، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ، وجده فِي غاشية أَهله، فَقَالَ: «قد قَضَى؟» قَالُوا: لَا، يَا رَسُول الله. فَبَكَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْم بكاء رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بكوا. فَقَالَ: «أَلا تَسْمَعُونَ، إِن الله لَا يعذب بدمع الْعين، وَلَا بحزن الْقلب، وَلَكِن يعذب بِهَذَا- وَأَشَارَ إِلَى لِسَانه- أَو يرحم» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3767- وَفِي رِوَايَة لمُسلم: وجده فِي غشيّة.
3768- وَعَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: دَخَلنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى أبي سيف الْقَيْن وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، فَأخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِبْرَاهِيم فقبَّله، وشمَّه، ثمَّ دَخَلنَا عَلَيْهِ بعد ذَلِك، وَإِبْرَاهِيم يجود بِنَفسِهِ، فَجعلت عينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: وَأَنت يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: «يَا ابْن عَوْف، إِنَّهَا رَحْمَة» ثمَّ أتبعهَا بِأُخْرَى. فَقَالَ: «إِن الْعين تَدْمَع، وَالْقلب يحزن، وَلَا نقُول إِلَّا مَا يرْضَى رَبنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِك يَا إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ» مُتَّفق عَلَيْهِ. الْقَيْن: الْحداد. والظئر- بِكَسْر الظَّاء الْمُعْجَمَة بعْدهَا همزَة- زوج الْمُرضعَة.
3769- وَعَن جَابر بن عتِيك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جَاءَ يعود عبد الله بن ثَابت فَوَجَدَهُ قد غُلب، فصاح بِهِ رَسُول الله فَلم يجبهُ، فَاسْتَرْجع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ: «غُلبنا عَلَيْك، يَا أَبَا الرّبيع» فصاح، وبكين، فَجعل ابْن عتِيك يسكتهن، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «دَعْهُنَّ، فَإِذا أوجب، فَلَا تبكين باكية» قَالُوا: وَمَا الْوُجُوب يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «الْمَوْت».
صَحِيح، رَوَاهُ مَالك فِي " الْمُوَطَّأ"، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، بأسانيد صَحِيحَة. وَالنَّهْي عَن الْبكاء بعد الْمَوْت مَحْمُول عَلَى التَّنْزِيه، وَالْأولَى، وَلَيْسَ بِحرَام للأحاديث الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب،
3770- مَعَ مَا سبق من حَدِيث جَابر فِي بكائه عَلَى أَبِيه، وَهُوَ قَتِيل، وبكاء عمته.
3771- وَحَدِيث أنس فِي بكاء النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عِنْد دفن ابْنَته الَّتِي دَفنهَا أَبُو طَلْحَة.
3772- وَحَدِيث أنس أَيْضا فِي قصَّة زيد، وجعفر، وَابْن رَوَاحَة.
3773- وَحَدِيثه فِي بكاء فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وَغَيرهَا مِمَّا سبق، وَمِمَّا لم نذكرهُ.
3774- وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: مَاتَ ميت من آل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَاجْتمع النَّاس يبْكين عَلَيْهِ، فَقَامَ عمر ينهاهن ويطردهن. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «دَعْهُنَّ يَا عمر، فَإِن الْعين دامعة، وَالْقلب مصاب، والعهد قريب» رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه.
3775- وَعَن جَابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما رَأَى إِبْرَاهِيم يجود بِنَفسِهِ فاضت عَيناهُ. فَقَالَ: أَتَبْكِي، أَو لم تكن نهيت عَن الْبكاء؟ فَقَالَ: «لَا، وَلَكِن نهيت عَن صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فاجرين: صَوت عِنْد مُصِيبَة، خَمش وُجُوه، وشق جُيُوب، وَرَنَّة الشَّيْطَان» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3776- وَقَالَ: حسن. وَهُوَ من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي لَيْلَى، وَهُوَ ضَعِيف، فَلَعَلَّهُ اعتضد. وَالصَّوْت الثَّانِي هُوَ رنة الشَّيْطَان، وَالْمرَاد بِهِ الْغناء، والمزامير،
3777- وَكَذَا جَاءَ مُبينًا فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ.
3778- وَعَن أبي وَائِل قَالَ: لما مَاتَ خَالِد بن الْوَلِيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، اجْتمع نسْوَة بني الْمُغيرَة يبْكين عَلَيْهِ، فَقيل لعمر: أرسل إلَيْهِنَّ فانههن. فَقَالَ عمر: مَا عَلَيْهِنَّ أَن يُهْرِقَن دُمُوعهنَّ مَا لم يكن نقعاً أَو لقلقَة. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح.
3779- وَأَشَارَ إِلَيْهِ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه. قَالَ: «وَالنَّقْع التُّرَاب عَلَى الرَّأْس، وَاللَّقْلَقَة الصَّوْت».

.بَاب مَا جَاءَ أَن الْمَيِّت يعذَّب ببكاء أَهله عَلَيْهِ، وَبَيَان تَأْوِيله:

3780- عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «الْمَيِّت يعذَّب فِي قَبره بِمَا نيح عَلَيْهِ» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3781- وَعَن الْمُغيرَة مثله. مُتَّفق عَلَيْهِ.
3782- وَعَن النُّعْمَان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قَالَ: أُغمي عَلَى عبد الله بن رَوَاحَة فَجعلت أُخْته تبْكي؛ واجبلاه، وَا كَذَا، وَكَذَا، تُعدِّد عَلَيْهِ، فَقَالَ حِين أَفَاق: مَا قلت شَيْئا إِلَّا قيل لي آنت كَذَا؟ فَلَمَّا مَاتَ لم تبك عَلَيْهِ. رَوَاهُ البُخَارِيّ.
3783- وَعَن ابْن أبي مليكَة: توفيت بنت لعُثْمَان بِمَكَّة، فَجِئْنَا لنشهدها وحضرها ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عمر لعَمْرو بن عُثْمَان: أَلا تنْهَى عَن الْبكاء، فَإِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ». فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لما أُصِيب عمر دخل صُهَيْب يبكي يَقُول: وَا أَخَاهُ، وَا أَخَاهُ. فَقَالَ عمر: أَتَبْكِي عليّ، وَقد قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إِن الْمَيِّت يعذب بِبَعْض بكاء أَهله عَلَيْهِ» قَالَ ابْن عَبَّاس: فَلَمَّا مَاتَ عمر ذكرت ذَلِك لعَائِشَة، فَقَالَت: رحم الله عمر، وَالله مَا حدث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله ليعذب الْمُؤمن ببكاء أَهله عَلَيْهِ. وَلَكِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «إِن الله ليزِيد الْكَافِر عذَابا ببكاء أَهله عَلَيْهِ». قَالَت: حسبكم الْقُرْآن: {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى}. قَالَ ابْن أبي مليكَة: وَالله، مَا قَالَ ابْن عمر شَيْئا. مُتَّفق عَلَيْهِ.
3784- وَعَن عَائِشَة أَنه ذكر لَهَا قَول ابْن عمر: إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ، يرفعهُ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فَقَالَت: يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن إِنَّه لم يكذب، وَلكنه نسي أَو أَخطَأ، إِنَّمَا مر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى يَهُودِيَّة يُبكى عَلَيْهَا، فَقَالَ: «إِنَّهُم ليبكون عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لتعذَّب فِي قبرها» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3785- وَفِي رِوَايَة: «إِنَّه ليعذّب بخطيئته، أَو بِذَنبِهِ، وَإِن أَهله ليبكون عَلَيْهِ الْآن».
3786- وَعَن أبي مُوسَى إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: «مَا من ميت يَمُوت، فَيقوم باكيهم فَيَقُول: واجبلاه، واسيداه، أَو نَحْو ذَلِك، إِلَّا وكِّل بِهِ ملكان يلهزانه: أهكذا أَنْت؟» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3787- وَقَالَ: "حسن". واللهز: الدّفع بِجمع الْيَد فِي الصَّدْر. قَالَ الْمُحَقِّقُونَ من الْعلمَاء: إِنَّمَا يعذب بالنياحة عَلَيْهِ إِذا أوصاهم بِفِعْلِهَا، وَقيل: إِذا لم يوص بِتَرْكِهَا. وَأَجْمعُوا أَن الْبكاء الَّذِي يعذب بِهِ هُوَ النِّيَاحَة لَا مُجَرّد دمع الْعين وَنَحْوه.

.بَاب اسْتِحْبَاب زِيَارَة الْقُبُور للرِّجَال، وَمَا يَقُوله الزائر:

3788- عَن بُرَيْدَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها» رَوَاهُ مُسلم.
3789- وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَغَيره: «وَلَا تَقولُوا هجرا».
3790- وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: زار رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبر أمه فَبَكَى وأبكى من حوله. فَقَالَ: «اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي أَن أسْتَغْفر لَهَا فَلم يُؤذن لي واستأذنته فِي أَن أَزور قبرها، فأُذن لي. فزوروا الْقُبُور فَإِنَّهَا تذكِّر الْمَوْت» رَوَاهُ مُسلم.
3791- وَعنهُ، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج إِلَى الْمقْبرَة فَقَالَ: «السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون» رَوَاهُ مُسلم فِي كتاب " الطَّهَارَة " فِي جملَة حَدِيث طَوِيل فِي الغر المحجلين.
3792- وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَت: كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كلما كَانَ لَيْلَتهَا مِنْهُ، يخرج من آخر اللَّيْل إِلَى البقيع، فَيَقُول: «السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين، وأتاكم مَا توعدون، غَدا مؤجلون، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون، اللَّهُمَّ اغْفِر لأهل بَقِيع الْغَرْقَد» رَوَاهُ مُسلم.
3793- وعنها، قَالَت: لما كَانَت لَيْلَتي الَّتِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِيهَا عِنْدِي، انْقَلب فَوضع رِدَاءَهُ، وخلع نَعْلَيْه، فوضعهما عِنْد رجلَيْهِ، وَبسط طرف إزَاره عَلَى فرَاشه، فاضطجع فَلم يلبث إِلَّا ريثما ظن أَن قد رقدت، فَأخذ رِدَاءَهُ رويداً، وانتعل رويداً، وَفتح الْبَاب ثمَّ خرج رويدا، فَجعلت دِرْعِي فِي رَأْسِي، واختمرت، وتقنعت إزَارِي ثمَّ انْطَلَقت عَلَى إثره. حَتَّى جَاءَ البقيع، فَقَامَ فَأطَال الْقيام، ثمَّ رفع يَدَيْهِ ثَلَاث مرار، ثمَّ انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت، فسبقته فَدخلت، فَلَيْسَ إِلَّا أَن اضجعت فَدخل، فَقَالَ: «مَالك يَا عائش، حشيا رابية!» قلت: لَا بِي شَيْء. قَالَ: لتخبريني، أَو ليخبرني اللَّطِيف الْخَبِير. قلت: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت وَأمي، فَأَخْبَرته، قَالَ: «فَأَنت السوَاد الَّذِي رَأَيْت أَمَامِي؟» قلت: نعم. فلهدني فِي صَدْرِي لهدة أوجعتني. ثمَّ قَالَ: «أظننت أَن يَحِيف الله عَلَيْك وَرَسُوله». قَالَت: مهما يكتم النَّاس يُعلمهُ الله. نعم. قَالَ: «فَإِن جِبْرِيل أَتَانِي حِين رَأَيْت، فناداني، فأخفاه مِنْك، فأجبته فأخفيته مِنْك، وَلم يكن يدْخل عَلَيْك وَقد وضعت ثِيَابك، وظننت أَن قد رقدت، فَكرِهت أَن أوقظك، وخشيت أَن تستوحشي، فَقَالَ: إِن رَبك يَأْمُرك، أَن تَأتي أهل البقيع فتستغفر لَهُم قَالَت: قلت: كَيفَ أَقُول يَا رَسُول الله؟ قَالَ: قولي: السَّلَام عَلَى الديار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين، وَيرْحَم الله الْمُسْتَقْدِمِينَ منا ومنكم، والمستأخرين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون» رَوَاهُ مُسلم.

.بَاب مَا جَاءَ فِي زِيَارَة النِّسَاء الْقُبُور:

جَاءَت أَحَادِيث بإباحته، مِنْهُ:
3794- حَدِيث عَائِشَة الثَّانِي فِي الْبَاب قبله.
3795- وَحَدِيث: «كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها»عَلَى مَذْهَب من يَقُول تدخل النِّسَاء فِي هَذَا الْخطاب.
3796- وَحَدِيث الْمَرْأَة الَّتِي وجدت عِنْد الْقَبْر، فَقَالَ: «اتقِي الله، واصبري».
3797- وَحَدِيث زِيَارَة عَائِشَة قبر أَخِيهَا عبد الرَّحْمَن.
وَقد سبق هَذَا كُله. وَجَاءَت أَحَادِيث بِالنَّهْي، مِنْهَا:
3798- حَدِيث ابْن عَبَّاس السَّابِق فِي بَاب اتِّخَاذ الْمَسَاجِد فِي الْقُبُور.
3799- وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعن زوّارات الْقُبُور. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3800- وَقَالَ: حسن صَحِيح. قَالَ الْجُمْهُور أَصْحَابنَا: تكره لَهُنَّ زِيَارَة الْقُبُور كَرَاهَة تَنْزِيه، وَلَا تحرم، إِلَّا أَن تكون مِنْهُنَّ نياحة وَنَحْوهَا فَتحرم، وتأولوا الحَدِيث عَلَيْهِ.

.بَاب فضل من مَاتَ لَهُ أَوْلَاد أَو ولد:

3801- عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَا من مُسلم يَمُوت لَهُ ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث، إِلَّا أدخلهُ الله الْجنَّة بِفضل رَحمته إيَّاهُم» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3802- وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لَا يَمُوت لأحد من الْمُسلمين ثَلَاثَة من الْوَلَد، تمسه النَّار، إِلَّا تَحِلَّة الْقسم» مُتَّفق عَلَيْهِ. وتحلة الْقسم قَوْله تَعَالَى: {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها}، والورود الْمُرُور عَلَى الصِّرَاط، وَهُوَ جسر مَنْصُوب عَلَى ظهر جَهَنَّم، عَافَانَا الله مِنْهَا.
3803- وَعنهُ، قَالَ: أَتَت امْرَأَة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بصبي لَهَا، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، ادْع الله لَهُ، فَلَقَد دفنت ثَلَاثَة. فَقَالَ: «دفنت ثَلَاثَة!» قَالَت: نعم. قَالَ: «لقد اختظرت بخظار شَدِيد من النَّار» رَوَاهُ مُسلم.
3804- وَعَن أبي سعيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: للنِّسَاء: «مَا مِنْكُن امْرَأَة تقدم ثَلَاثَة من الْوَلَد، إِلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابا من النَّار» فَقَالَت امْرَأَة: واثنين. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «واثنين» مُتَّفق عَلَيْهِ.
3805- وَعَن أبي حسان، قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: مَاتَ لي ابْنَانِ، فَمَا أَنْت محدثي عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يطيب أَنْفُسنَا عَن مَوتَانا. قَالَ، قَالَ: «نعم صغارهم دعاميص الْجنَّة، يلقى أحدهم أَبَاهُ، أَو قَالَ: أَبوهُ، فَيَأْخُذ بِثَوْبِهِ، أَو قَالَ: بِيَدِهِ، فَلَا يتناهى، أَو قَالَ: يَنْتَهِي حَتَّى يدْخلهُ الله وأباه الْجنَّة» رَوَاهُ مُسلم. الدعاميص، جمع دعموص، وَهُوَ الدخّال فِي الْأُمُور، أَي سيّاحون فِي الْجنَّة، دخّالون فِي منازلها، لَا يمْنَعُونَ من مَوضِع مِنْهَا.
3806- عَن ابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَا تَعدونَ الرقوب فِيكُم؟» قُلْنَا: الَّذِي لَا يُولد لَهُ. قَالَ: «لَيْسَ ذَلِك بالرّقوب، وَلكنه الرجل الَّذِي لم يقدم من وَلَده شَيْئا» رَوَاهُ مُسلم.
3807- وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول: «من كَانَ لَهُ فرطان من أمتِي أدخلهُ الله بهما الْجنَّة» فَقَالَت عَائِشَة: فَمن كَانَ لَهُ فرط من أمتك؟ قَالَ: «وَمن كَانَ لَهُ فرط، يَا موفقة» قَالَت: فَمن لم يكن لَهُ فرط من أمتك؟ قَالَ: «فَأَنا فرط أمتِي، لم يصابوا بمثلي» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3808- وَقَالَ:غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من رِوَايَة عبد ربه بن بارق، وَقد رَوَى عَنهُ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة. قلت: ضعفه ابْن معِين، وَقَالَ أَحْمد، وَغَيره: لَا بَأْس بِهِ. وَفِي الْبَاب الحديثان.... الصَّبْر.

.فصل فِي ضعيفه:

3809- عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قَالَ: «لسقط أقدمه أحب إِلَيّ من فَارس أخلفه».
3810- وَعَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، مَرْفُوع: «إِن السقط ليراغم ربه إِذا دخل أَبَوَاهُ النَّار. فَيُقَال لَهُ: أَيهَا السقط المراغم، أَدخل أَبَوَيْك الْجنَّة، فيخرجهما بسرره حَتَّى يدخلهما الْجنَّة».
3811- وَعَن معَاذ مَرْفُوع: «إِن السقط ليجر أمه بسرره إِلَى الْجنَّة إِذا احتسبته» رَوَاهُ ابْن ماجة بأسانيد ضَعِيفَة. وَمَعْنى يراغم: يغاضب، وَهِي مغاضبة فِي دلال.

.بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَوْت لَيْلَة الْجُمُعَة ويومها، وَفِي غير مولده:

3812- عَن ربيعَة بن سيف، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَا من مُسلم يَمُوت يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الْجُمُعَة إِلَّا وَقَاه الله فتْنَة الْقَبْر» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.
3813- وَقَالَ: «غَرِيب، لَيْسَ إِسْنَاده بِمُتَّصِل، وَلَا نَعْرِف لِرَبِيعَة سَمَاعا من ابْن عَمْرو».
قلت: وَرَبِيعَة هَذَا أَيْضا ضَعِيف.
3814- وَعَن ابْن عَمْرو أَيْضا، قَالَ: مَاتَ رجل بِالْمَدِينَةِ مِمَّن ولد بهَا، فَصَلى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ثمَّ قَالَ: «يَا ليته مَاتَ بِغَيْر مولده» قَالُوا: وَلم ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «إِن الرجل إِذا مَاتَ بِغَيْر مولده قيس من مولده إِلَى مُنْقَطع أَثَره فِي الْجنَّة» رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف.